السبت، 19 أكتوبر 2013

#لقاء_الجمعة مع فضل شاكر و الشيخ أحمد الأسير

التربية الدعوية في القران الكريم


القرآن الكريم وجه أنظار المربين والدعاة وأولياء الأمور إلى ضرورة تربية أولادهم تربية دعوية منذ الصغر، وهذا واضح في آيات القرآن الكريم بصورة مباشرة وغير مباشرة، وذلك عن طريق:
1-     بيان أهمية الدعوة إلى الله، وأنها سبب خيرية هذه الأمة.
ففي آيات كثيرة يتحدث القرآن عن أهمية الدعوة إلى الله:
قال تعالى:
﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ .
وقال تعالى:
﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ .
وقال تعالى:
﴿ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ .
وقال تعالى:
﴿قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا * إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ .
فمن هذه الآيات نستدل على: أن الدعوة واجبة على كل مسلم، وهي سبب في خيرية الأمة، وأنه لا نجاة للمسلم إلا بالدعوة إلى الله عز وجل، وفي هذه رسالة إلى كل مربي أن يهتم بتنشأة ولده على الدعوة إلى الله، وتعويده عليها منذ الصغر، حتى تكون منهجاً لحياته، ودافعاً يدفعه لأداء ما فرضه الله عليه من دعوة الغير والرجوع بهذه الأمة إلى ما كانت عليه من الريادة والقيادة وأستاذية العالم. 
2- يذكر القرآن نماذج لدعاة صغار غيروا مجتمعهم إلى طريق الله عز وجل.

غلام الأخدود
هذا الطفل الذي ذكره الله – عز وجل – نموذجا يتلى إلى يوم القيامة في الصبر والتضحية في سبيل الله رغم صغر السن فالمرء بأصغريه قلبه ولسانه.
قال تعالى: ﴿قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾.   
وقد حكى النبي عليه الصلاة والسلام قصة هذا الغلام لصحابته فعن صهيب بن سنان الرومي القرشي عن النبي أنه قال: ((كان ملك فيمن كان قبلكم، وكان له ساحر، فلما كبر قال للملك: إني قد كبرت فابعث إلي غلاما أعلمه السحر، فبعث إليه غلاما يعلمه، فكان في طريقه إذا سلك راهب، فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه، فكان إذا أتى الساحر مر بالراهب وقعد إليه، فإذا أتى الساحر ضربه، فشكا ذلك إلى الراهب، فقال: إذا خشيتَ الساحر فقل: حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل:حبسني الساحر، فبينما هو كذلك، إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس، فقال: اليوم أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل، فأخذ حجرا فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس، فرماها فقتلها، ومضى الناس، فأتى الراهب فأخبره، فقال له الراهب: أي بني، أنت اليوم أفضل مني، قد بلغ من أمرك ما أرى، وإنك ستبتلى، فإن ابتليت فلا تدل علي، وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص، ويداوي الناس من سائر الأدواء، فسمع جليس للملك كان قد عمي، فأتاه بهدايا كثيرة، فقال ما هاهنا لك أجمع إن أنت شفيتني، فقال إني لا أشفي أحدا، إنما يشفي الله، فإن أنت آمنت بالله دعوت الله فشفاك، فآمن بالله، فشفاه الله، فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس، فقال له الملك: من رد عليك بصرك، قال: ربي، قال: ولك رب غيري، قال: ربي وربك الله، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام، فجيء بالغلام، فقال له الملك: أي بني، قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص، وتفعل وتفعل، فقال: إني لا أشفي أحدا، إنما يشفي الله، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب، فجيء بالراهب، فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى، فدعا بالمنشار، فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه حتى وقع شقاه، ثم جيء بجليس الملك، فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى، فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه، ثم جيء بالغلام، فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى، فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا، فاصعدوا به الجبل، فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فاطرحوه، فذهبوا به فصعدوا به الجبل، فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت، فرجف بهم الجبل فسقطوا، وجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابك، قال: كفانيهم الله، فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به فاحملوه في قرقور فتوسطوا به البحر، فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه، فذهبوا به فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت، فانكفأت بهم السفينة فغرقوا، وجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابك، قال: كفانيهم الله، فقال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، قال وما هو، قال: تجمع الناس في صعيد واحد، وتصلبني على جذع، ثم خذ سهما من كنانتي، ثم ضع السهم في كبد القوس، ثم قل: باسم الله رب الغلام، ثم ارمني، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني، فجمع الناس في صعيد واحد، وصلبه على جذع، ثم أخذ سهما من كنانته، ثم وضع السهم في كبد القوس، ثم قال: باسم الله رب الغلام، ثم رماه، فوقع السهم في صُدْغِهِ، فوضع يده في صُدْغِهِ في موضع السهم فمات، فقال الناس: آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام، فأُتِيَ الملكُ فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر، قد والله نزل بك حَذَرُكَ، قد آمن الناس، فأمر بالأخدود في أفواه السكك فخدت، وأَضْرَمَ النيران، وقال: من لم يرجع عن دينه فأحموه فيها، أو قيل له: اقتحم ففعلوا، حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها، فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أُمَّهِ اصبري فإنك على الحق) .
3-     حث القرآن المربين على تربية النشأ تربية دعوية.
ونقصد بالتربية الدعوية أن يربى الطفل تربية شمولية صحيحة فلا نعتمد في تربيته على جانب دود جانب مما سنبين الآن، ومن أهم السور التي تحدثت عن هذا النوع من التربية "سورة لقمان" من خلال وصايا لقمان الحكيم لولده فقال تعالى:
﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾  
يصف علماء التربية وعلم النفس التربوي أن العملية التربوية لا تستطيع أن تأتي بثمارها إلا إذا ركزنا على ثلاثة محاور أساسية وسموها الأهداف التربوية وهي :
1-الهدف المعرفي.
2-الهدف الوجداني.
3-الهدف المهاري (السلوكي).
فلكي تأتي هذه العملية ثمارها لابد من التركيز على هذه الأهداف الثلاثة مجتمعة، وأي نقص في أي مستوى من هذه الأهداف فإنه يؤدي إلى قصور في العملية التربوية.
فالطفل إذا ركزنا معه على مجرد المعرفة والتلقين، أو اقتصرنا معه على مجرد تنمية المشاعر والعواطف، أو على مجرد السلوك بدون إحساس حقيقي ودافع يدفعه إلى هذا السلوك، فإن العملية التربوية تكون ناقصة وغير هادفة.
ولو نظرنا إلى الوصايا التي ذكرها القرآن الكريم من خلال وصايا لقمان لابنه لوجدنا أن القرآن قد سبق علماء العصر الحديث في الوصول إلى أفضل طريقة لتربية الأبناء، فنرى أن القرآن من خلال هذه الوصايا ركّز على الجوانب الثلاثة:
•الجانب المعرفي وذلك من خلال:
-التركيز على قضية العقيدة والإيمان بالله.
-التفكر في خلق الله عز وجل.
-فضل وقيمة الوالدين.
-أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
-ذم الكبر ومدح المتواضعين.
•الجانب الوجداني والشعوري وذلك من خلال:
-براعة التصوير الفني لآيات القرآن.
(ووصينا – وهناً على وهن – فلا تطعهما – لطيف خبير – صوت الحمير) 
-الرحمة بالوالدين حتى لو كانا كافرين.
-الحث على التحلي بخلق المراقبة.
-الرجوع والمصير إلى الله عز وجل.
-الثبات على الإيمان رغم كل الضغوط.
-النفير من التشبه بالحيوانات برفع الأصوات.
-التعبير بصيغ الحب والكره مما يوقظ الإنسان ويدفعه إلى العمل.
•الجانب المهاري (السلوكي)
وذلك من خلال:
-بر الوالدين.
-إقامة الصلاة.
-الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
-الصبر على الإيذاء.
-التواضع وخفض الجناح.
وهذه هي التربية الدعوية التي أراد الله عز وجل من خلال هذه الوصايا العظيمة أن يعلمها للمربين، فتعليم الطفل الدعوة إلى الله لن تكون إلا بتربيته تربية شمولية صحيحة، وبالتالي فإن الطفل الداعية يصنع إذا رُبّيَ على هذه التربية الشمولية، وبالتالي نحن نريد الطفل الداعية في تفكيره وفي مراقبته لله عز وجل، ونريد الطفل الداعية في مشاعره وأحاسيسه، ونريده مقيماً للصلاة آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر، وليس مجرد خطيباً يصعد المنبر فيبهر الناس بفصاحة لسانه، وصِغَر سنه، وهذا هو منهج القرآن كما أوضحنا من خلال هذه الوصايا.
نقلتها للفائدة من موقع:http://www.methak.org/ar/?articles=topic&topic=11679

الثلاثاء، 1 أكتوبر 2013

أهمية الدعوة الى الله تعالى

هناك غاية محددة لوجود الجن والإنس، تتمثل في أداء مهمة سامية، من قام بها، فقد حقق غاية وجوده، ومن قصَّر فيها، باتت حياته فارغة من القصد، خاوية من معناها الأصيل.

هذه الغاية المحددة: هي عبادة الله وحده، كما شرع لعباده أن يعبدوه، ولا تستقيم حياة العبد كلها، إلا على ضوء هذه المهمة والغاية.

قال - تعالى -: {
وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 58].

والدعوة إلى الله - عزَّ وجلَّ - من أفضل الأعمال، وأقرب القربات، وأوجب الواجبات، بعث الله - تعالى - صفوة خلقه من الأنبياء والرُّسل - عليهم الصلاة والسلام - للقيام بها، ووعد القائمين بها أجرًا عظيمًا وثوابًا جزيلاً في الدنيا والآخرة، بل إن الله - جل وعلا - جعلها شعارًا لأتباع الرسل - عليهم الصلاة والسلام.

ولقد كان هؤلاء وهم خيار عِباد الله - تعالى - يهتمون بالدعوة أبلغ الاهتمام، ويحرصون على إخراج الناس من الظلمات إلى النور أشد الحرص، وهكذا حال من سلك دربهم من صالحي الأمة ومصلحيها، وهذا الاهتمام الملحوظ يرجع لأسباب؛ منها:

(1) أن الله - تعالى - أعلا منزلة الدعاة؛ حيث يصيرون بها من أحسن الناس قولاً عند خالقهم - جل وعلا - قال - تعالى -: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت: 33].

(2) مما يجعل المسلم يحرص على تبليغ الدين إلى الناس - دعاء النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لمن بلَّغ قوله إلى غيره؛ حيث يقول: ((نضَّر الله امرأً سمع مقالتي فبلغَّها؛ فرُبَّ حامل فقه غير فقيه، ورُبَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه))[1]، ومعنى نضَّر الله: هذا دعاء له بالنضارة، وهي النعمة والبهجة.

(3) الحرص على هداية الناس له فضل عظيم، لا سيَّما إذا هدى الله على يده أحدًا، يدل لذلك ما ثبت عن سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال لعلي - رضي الله عنه - لما أعطاه الراية يوم خيبر: ((أنفذ على رسلك؛ حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فو الله لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا، خير لك من حُمر النعم))[2].

وقد بيَّن الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن من دلَّ على خير، فله مثل أجر فاعله؛ فقد روى ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((من دلَّ على خير، فله مثل أجر فاعله))[3].

وأكد في سنته أن مما يتبع الشخص بعد موته وينفعه - وهو في قبره - العلم الذي يبثه في الناس؛ فقد روى أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إذا مات ابن آدم، انقطع عمله إلا من ثلاثة؛ إلا من صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له))[4].

وحينما ننظر إلى سيرة الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - العملية في الجانب الدعوي، نجده يدعو في جميع الأماكن والأزمان والأحوال، فلم يوجه دعوته - صلَّى الله عليه وسلَّم - لصنف من الناس دون صنف؛ بل دعا الناس جميعًا؛ من أحبوه ومن أبغضوه، ومن استمع إليه، ومن أعرض عنه، بل يوجه دعوته إلى من آذاه؛ لأن الدعوة تكليف من الله لا بد من القيام كسائر التكاليف الشرعية.

ولم يخص - صلَّى الله عليه وسلَّم - مكانًا دون غيره للدعوة؛ بل كان يدعو في المسجد، والطريق، والسوق، والحضر، والسفر، بل وحتى في المقبرة، وعلى رأس الجبل لم يترك الدعوة.

وكان - صلَّى الله عليه وسلَّم - يستغل المواسم وأماكن تجمع الناس؛ ليكون ذلك أبلغ في دعوته، ولتصل أكبر عدد من الناس، واستمر - صلَّى الله عليه وسلَّم - في أداء هذه المهمة الجليلة مشمرًا عن ساعديه، باذلاً كل ما في وسعه، مستخدمًا كل وسيلة متاحة، متحملاً كل أذى في سبيل إبلاغ الدعوة وإخراج الناس من الظلمات إلى النور.

وقد امتلأت سيرته وفاضت بالمواقف الدعوية الرائدة التي تتمثل فيه القدوة العملية للدعاة والعلماء والمصلحين، وسبيله في ذلك ومنطلقه وقاعدته العريضة: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:125].

وهذا المنبر المبارك لبنةً من لبناتِ العلم، ورافد من روافد الدعوة إلى الله، اجتهد الابن محمد في تهيئته وتوظيفه؛ ليكون منبرًا علميًّا ودعويًا  خاصًّا.

أسأل الله بمنه وكرمه أن يحقق المقصود، وأن ينفع به، وأن يجعله ذخرًا لي ووالديّ وذُريتي، وأن
يكون من العلم النافع الذي ينتفع به في الحياة وبعد الممات.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد.



[1] رواه ابن ماجه، وهو صحيح؛ انظر: صحيح سنن ابن ماجه، (1/ 45).
[2] رواه البخاري في كتاب المغازي، (7/ 476)، برقم (4210).
[3] رواه مسلم في كتاب الإمارة، (3/ 1506)، برقم (1893).
[4]رواه مسلم في كتاب الوصيَّة، (3/ 1255)، برقم (1631).


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/9601/#ixzz2WrN5G0BG

الشيخ حامد آدم : تجارب عملية جزء 8

(ملتقى الخطباء) خٌذلنا يوم أن تقاعسنا عن نصرة الإسلام // للشيخ محمد علي ...

محور الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــورة


 تدور السورة الكريمة حول محورٍ من المحاور الأساسية والركائز الجوهرية لهذا الدين ، إنه الهدف الأساسي الذي نزل من أجله القرآن : إنه العصمة من أمواج الفتن المتلاطمة وحُشُودها المتلاحمة ، فتنٌ متنوعةٌ متباينةٌ متزاحمةٌ تجعلُ الحليمَ حيرانَ: فتنة السلطان ، وفتنة الأهل والعشيرة ، وفتنة المال ، وفتنة الولد ، والاغترار بالدنيا الفانية ، وفتنة إبليس اللعين ، وفتنة العلم ، وفتنة يأجوج ومأجوج ، وفتنة الأهواء .
 وبَيْنَا تُبيِّنُ لنا السورةُ الكريمةُ أنواعَ الفتنِ وتحذِّرُ من مخاطِرِها ، فإنها تخُطُّ لنا طريقَ العصمة وتبرزُ لنا معالم النجاة ، وذلك بإتباع المنهج الرباني ، والاستعانة بالله تعالى واللجوء إليه ، وتصحيح المفاهيم وتقويم الموازين ، وتأصيل القيم ، والنظرة الصحيحة للكون والحياة ، وإدراك حقيقة الدنيا الفانية ، والعمل لدار الخلود ، إلى جانب الصحبة الصالحة ، والتحصُّن بالعلم النافع ، والتزود بالعبادةِ الصحيحة ، والتذرع بالصبر والثبات ، والتحلي بمكارم الأخلاق ، والاعتبار بقصص السابقين .

مكية السورة

مكية السورة.

·   كان نزولها في العهد المكي حيث لقي الرسول e ومن آمن معه كثيرا من المحن والابتلاءات ، على طريق الدعوة الذي حُفَّ بالمكاره و العقبات .

جاءت سورة أصحاب الكهف تسلية وتسرية وتثبيتا لقلب النبي e حيث كادت نفسه e تذهب حسرات من أحوال قومه الذين جاءهم بالحق المبين ، لكنهم في غيِّهم سادرون ، وفي ضلالهم يعمهون ، فجاءت السورةُ لتنبه الرسول e إلى أن يترفق 
·        بنفسه ، فإنه يؤدي ما عليه من واجب البلاغ وأمانة الرسالة ،  وليتذكر أن الهداية من الله يمنحها من يستحقها .

·        نزلت هذه السورة على القلوب المستضعفة بردا وسلاما تروي شغافها ، وتقوي دعائمها .

·        نزلت لتكون حجة ساطعة تشهد بصدق هذا النبي الصادق الأمين  .

·        وجاءت برسالة موجهة إلى أهل الكتاب أن هذا القرآن فيه فصل الخطاب لكل ما  يطرحونه من تساؤلات  .  


د. عدد آيات السورة.

·   وعدد آيها مئة وعشر آيات [ 110] في الكوفي ، وخمسة في المدنيين والمكي ، وإحدى عشرة في البصري ، وستة في الشامي .

·       اختلافها 10 آيات :   المدني الخير .

 المدني الأول والكوفي والبصري والمكي والشامي
    أسقطها المدني الأول والمكي .
أسقطها المدني الأخير والشامي .
        أسقطها المدني الأول و المكي .
  أثبتها  الكوفي  والبصري .
ﭼ  أثبتها  الكوفي  والبصري  .
أثبتها  الكوفي  والبصري .
أسقطها المدني الأخير والكوفي .
أسقطها المدنيان والمكي .
وكلماتها ألف وخمسمائة وسبع وسبعون كلمة [1577]. ([1])




[1]يراجع : كتاب البيان في عد آي القرآن لأبي عمرو الداني الأندلسي ت444هـ ، ص 179 ، وكتاب " أقوى العدد في معرفة العدد " لعلم الدين السخاوي ت 643هـ " ، جمال القراء وكمال الإقراء 1/206 .

الاثنين، 30 سبتمبر 2013

فضل سورة الكهف

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فيستحب للمسلم أن يقرأ سورة الكهف يوم الجمعة لما روى الحاكم من حديث أبي سعيد قال قال رسول الله صلى عليه وسلم: (من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين). رواه النسائي والحاكم مرفوعا وصححه. ورواه الدارمي والحاكم موقوفا على أبي سعيد وهذا الحديث اختلف في اسناده والصحيح أنه موقوف على أبي سعيد كما صححه النسائي والدارقطني ولكن هذا الموقوف في حكم المرفوع لأن الصحابي عادة لا يشرع عبادة مستقلة لها ثواب خاص من قبل نفسه وإنما يتلقى ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكون الموقوف هنا في حكم الرفع.
وقد استحب قراءة سورة الكهف يوم الجمعة جمهور الفقهاء الحنفية والشافعية والحنابلة. قال ابن قدامة: (فصل : ويستحب قراءة الكهف يوم الجمعة).

والفضل يثبت بقراءة السورة كاملة أما من قرأ بعضها فلا يثبت له هذا الفضل فعلى هذا ينبغي على المسلم أن يقرأ جميع السورة من أولها إلى آخرها ولا يفرط في هذا الفضل ومن واظب على قراءة أولها أو آخرها فقد أحدث بدعة وخالف السنة.

ويبتدأ وقت قراءتها على الصحيح من ابتداء اليوم الشرعي من دخول صبح يوم الجمعة إلى غروب الشمس ولا يشرع قراءتها من ليلة الجمعة لأن رواية ليلة الجمعة شاذة لا تثبت تفرد بها أبو النعمان عن هشيم ورواية الجماعة هي المحفوظة عن هشيم فعلى هذا من قرأها ليلا قبل الوقت أو أخرها إلى بعد الغروب لم يوافق فضلها لأن الحديث علق وقتها بيوم الجمعة. وقد ورد فضل قراءتها مطلقا من غير تحديد بيوم الجمعة من رواية الثوري وشعبة والأقرب أن الرواية المقيدة برواية يوم الجمعة محفوظة لا مطعن فيها لأنها زيادة من هشيم وهو حافظ متقن ويؤيد هذا أن جميع شواهد الحديث جاءت مقيدة بيوم الجمعة فلا وجه لإنكار استحباب القراءة يوم الجمعة ومن رد هذه الرواية فقد خالف جادة أهل العلم في قبول زيادة الحافظ وعدم اطراحها من غير دليل بين ولذلك اعتبرها عامة الفقهاء وعملوا بها وخصوا قراءتها بيوم الجمعة ولم نجد أحدا من الأئمة المتقدمين انتقد لفظ الجمعة في المتن مما يدل على غرابة قول من يضعفه اليوم ومخالفته لمسلك الأئمة.

ولا يختص قراءتها بوقت العصر. قال ابن تيمية: (قراءة سورة الكهف يوم الجمعة فيها آثار ذكرها اهل الحديث والفقه لكن هي مطلقة يوم الجمعة ما سمعت انها مختصة بعد العصر).
ويستحب قراءتها للرجل والمرأة والصغير والكبير والمسافر والمقيم لعموم الخبر الوارد فيها. ويستحب للحائض قراءتها على الصحيح عن ظهر قلب أو من المصحف مع وجود حائل ولا يحل لها أن تمس المصحف مباشرة بيدها.

ولا ارتباط بين قراءة الكهف وصلاة الجمعة لأنها تشرع في كل اليوم ولا يشترط لقراءتها حضور الجمعة وكذلك يقرأها من لم يشهد الجمعة سواء كان معذورا أو غير مخاطب بها. وإنما اعتاد كثير من الناس قراءتها قبل الجمعة لتفرغهم لذلك وكونه أرفق لهم وليس في ذلك توقيت من الشارع والأمر في ذلك واسع. وأما قول خالد بن معدان: (من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة قبل أن يخرج الإمام كانت له كفارة ما بينه وبين الجمعة وبلغ نورها البيت العتيق). فتخصيصه قبل الصلاة اجتهاد لا دليل عليه.

ويجزئ قراءتها عن ظهر قلب أو من المصحف أو من المنشور أو من أجهزة التقنية أو أي وسيلة المهم أن تحصل القراءة تامة والأفضل أن تكون من المصحف. والأفضل أن تكون القراءة مترسلة بتدبر وتعقل ولو قرأها قراءة حدر أجزأ ذلك.

والثواب مرتب على مجرد القراءة لأن كلام الله متعبد بتلاوته ولا يشترط فهم المعاني والوقوف على الحكم والأحكام لكن القراءة مع التفهم والتدبر أفضل.

ويجوز تفريق قراءة سورة الكهف في نفس اليوم فلو قرأ أولها أول النهار ثم انشغل أو كسل ثم أتم قراءتها قبل غروب الشمس أجزاه ذلك وثبت له الثواب ولكن الأفضل أن تكون القراءة متصلة من غير تفريق.

ويجزئ قراءة المؤمن لها على كل حال قياما وقعودا ومستلقيا وسواء كان مستقبلا للقبلة أم لا ولكن كلما كان متهيأ للقراءة مستقبلا للقبلة فهو أفضل. ويجوز للمرأة أن تقرأ السورة وهي مشتغلة بأعمال المنزل كالطبخ ونحوه لأن ذلك لا يؤثر غالبا على القراءة ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه.

ويكره للمؤمن أن يهذ السورة ويتلوها بسرعة متناهية من غير وقوف على آياتها ويشرع له أن يقرأها بخشوع وتؤدة وخضوع لتحصل له بركة ألفاظها ومعانيها.

والمريض الذي كان يواظب على قراءتها كل جمعة ثم منع منها يرجى حصول ثوابها له لأن المريض يكتب له ما كان يعمله من عمل صالح. وكذلك المسافر الذي انشغل عن قراءتها يرجى أن يكتب له ذلك. ومن شرع في قراءتها ثم نزل به مرض ولم يتمها رجي أن يكتب له ثواب قراءتها لأنه معذور وفضل الله واسع.

والسنة أن يقرأها المسلم منفردا ولا يشرع قراءتها جماعيا أو عن طريق مكبر الصوت داخل المسجد أو خارجه وكذلك لا يشرع تفريق القراءة على مجموعة بحيث يقرأ كل شخص بضع آيات ثم يقرأ الآخر ما بعدها حتى يتمون السورة فهذا العمل محدث ولا يترتب عليه الثواب. ولكن يجوز تلقين السورة لجماعة لغرض التعليم.


خالد بن سعود البليهد